كتب يوسف المصري (المصريون)
في سرية تامة، تدرس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية اقتراحًا يقضي باستغلال المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية التي حصلت عليها الكنيسة من الدولة بوضع اليد وتصل إلى نحو 5000 فدان لبناء مدينة سكنية خاصة بالأقباط.
وقال مصدر مطلع لـ "المصريون"، إن المقترح الذي تقدم به أحد الأساقفة المقربين من البابا وأحد المرشحين لخلافته طالب البابا بإنشاء مدينة سكنية قبطية "خالصة" أقرب لـ "كومباوند" خاص تمتلكه الكنيسة رسميًا، ووعده البابا بدراسة الأمر، خاصة وأن بعض المساحات الشاسعة من تلك الأراضي الخاضعة للكنيسة تقترب من خط العمران.
من جانبه، نفى القمص صليب متى ساويرس وكيل المجلس الملي وكاهن كنيسة الجيوشي بشبرا سعي الكنيسة للاستيلاء على أراضى الدولة ملقيًا باللائمة على الأخيرة التي لا تحسم الأمور لصالح الكنيسة إلا بعد فترة، وقال إن الكنيسة تأخذ الأراضي لتقيم عليها مشروعات تنموية تفيد بها الأقباط والمسلمين بدلاً من البطالة والإرهاب، باعتبار أن الرهبان "عباقرة" في الاستفادة من كل الموارد المتاحة ويستطيعون استغلالها على أفضل صورة.
وتتوزع الأراضي التي تسيطر عليها الكنيسة الأرثوذكسية في العديد من المناطق المختلفة على مستوى المحافظات، ومن بينها الأراضي المحيطة بدير أبو فانا التي تقدر بحوالي 600 فدان رغم أنه لا يقيم به أكثر من 40 فردًا تقريبًا، وذلك بأقل مجهود نتيجة تساهل السلطات المعنية لمجرد تهديد البابا شنودة بالتصعيد بعد أن أمهل الدولة 48 ساعة وهو يعالج في مقره بالولايات المتحدة وقد كان.
وبعد انتهاء المفاوضات ورضوخ الدولة للكنيسة طالبت المطرانية رفع سور الدير لأربعة أمتار وهو ما رفضه آنذاك اللواء أحمد ضياء الدين محافظ المنيا، مؤكدًا أن القانون ينص ألا يتجاوز مترين إلا أنه سرعان ما رضخ لرغبة الكنيسة.
وقريبًا من هذا السيناريو، وضع دير الأنبا أنطونيوس الأثري الكائن بمحافظة البحر الأحمر يده منذ عدة شهور على أكثر من 300 فدان، ولم يتحرك لأحد ساكن، وبالبحيرة يستغل دير وادي النطرون مساحة تصل إلى 100 فدان، وبالإسكندرية استحوذ دير ديروط وهو أكبر الأديرة على 30 فدانا من أراضى الدولة.
وفى يوليو 2008 قرر الأنبا ميخائيل أسقف أسيوط والمشرف على دير السيدة العذراء إلغاء الاحتفالات السنوية للدير بعدما رفض نبيل العزبي محافظ أسيوط منح الدير 13 فدانًا من أراضي الدولة المتاخمة للدير لبناء بانوراما، حيث عرض المحافظ بناءها على نفقة الدولة لتصبح ملكًا للشعب كله وليس لفريق دون آخر ولكنه سرعان ما وافق تلبية منعاً لتصعيد الأمر من جانب الكنيسة.
وفى الشهر ذاته أعلن اللواء سعد خليل محافظ مطروح عن تخصيص قطعة أرض بمساحة 4000 فدان لكنيسة مارينا بالعلمين، وقال المحافظ إن قرار التخصيص جاء "بدافع خلق توازن سياسي يفيد الوحدة الوطنية خاصة بعد أحداث دير أبو فانا بالمنيا".
من جهته، أرجع الدكتور عمرو الشوبكي الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ "الأهرام" ذلك إلى قوة الكنيسة التي تستطيع تحريك جماعات الضغط المهجرية والتي تمتلك رؤؤس الأموال وتحرك المظاهرات للإساءة لسمعة مصر بالخارج للحصول على مزيد من المكاسب قدر الإمكان.
وأضاف: مما لا شك فيه أن البابا شنودة قام بإجراء إعادة هيكلة واسعة للتركيبة البشرية والفكرية لرجال الكنيسة؛ حيث بات الأساقفة المسيسون هم أصحاب الكِفَّة الراجحة داخل المجمع المقدس للكنيسة فيما توارى الأساقفة التقليديون ممن يفضلون التفرُّغ للعبادة والروحانيات وترك الدنيا وشئونها للدولة وأجهزتها أو للمجلس الملي، الذي يمثل الذراع المدني للكنيسة.
وقال إن توسع الكنيسة في إنشاء المؤسسات الخدمية من مستشفيات ومدارس وجمعيات خيرية ومشروعات صغيرة، جعلها تحلّ محلّ الدولة في لعب هذا الدور، وهو ما فاقم الشعور بالعُزْلة لدى بعض القطاعات ، كما أن الكنيسة أصبحت هي الملجأ والملاذ عقب أي حادث يشعر فيه النصارى بالظلم، علاوةً على سَعْيِها للعب دور الوكيل الذي يتولى التفاوض مع الدولة نيابةً عن الأقباط.
أما المفكر والكاتب جمال أسعد فيرى ما يحدث طبيعيا في ضوء ضعف شديد في الدولة المصرية، وغياب لدولة القانون وإحلال المساومات والعرف، وما يفعله أقباط المهجر من إثارة لا قيمة لها والدولة ترضخ لهم يوماً بعد الآخر تتنازل عن كل شيء بما يزيد من ضعفها، وفي محاولة منها لتهدئة ثورة المهجر تعطى للقيادات الكنسية المزيد من الهيبة حتى وصل الأمر لتصور الأخيرة أن لها وضع "سياسي" يمثل الدولة تأمر فتطاع وظهر ذلك جليًا في تهديد البابا شنودة للدولة "بشكل صريح" مرتين الأولى عندما صرح عام 2008 أن "جلسات الصلح التي يتحدثون عنها في كل مرة يتعرض فيها الأقباط للعدوان والظلم، لم تسفر عن شيء ولم يكن لها أي فاعلية" فما معني أن يجلس الجناة مع المجني عليهم؟، وكيف يتصالح مجرمون مع ضحايا تعرضوا لأبشع الاعتداءات الوحشية وتمت سرقة أديرتهم وتدنيس معتقداتهم بهذه الصورة المهينة؟، أما المرة الثانية حين أمهل الدولة 48 ساعة لحل أزمة أبو فانا كما تريد الكنيسة و إلا سيصعد الأمر دون أن يوضح ماهية التصعيد.
ووصف أسعد هذا الأمر بأنه ابتزاز صريح للدولة، وكأن الكنيسة تتعامل باعتبارها حاكمة للبلاد وتسترد حقوقها من العرب الذين احتلوها ولأن السلطات تتعامل برعونة معها فإنها تتشجع على طلب المزيد من الأراضي لتتوسع فيها .
وانتقد الدولة في مصر التي باتت على استعداد للتفريط في هيبتها طالما كان الطرف الآخر قادر على ابتزازها وممارسة الضغوط عليها، وأوضح أن "الكارثة" تكمن في عدم تعامل الدولة مع ما تمتلكه من أراضى باعتبارها ملكية عامة تخص المصريين كلهم بدلاً من إبداء الاستعداد المستمر للتنازل بشكل مستمر ومستفز أيضاً للأغلبية المسلمة ، بما يعلى من الدولة " الدينية " بدلاً من المدنية.
في سرية تامة، تدرس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية اقتراحًا يقضي باستغلال المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية التي حصلت عليها الكنيسة من الدولة بوضع اليد وتصل إلى نحو 5000 فدان لبناء مدينة سكنية خاصة بالأقباط.
وقال مصدر مطلع لـ "المصريون"، إن المقترح الذي تقدم به أحد الأساقفة المقربين من البابا وأحد المرشحين لخلافته طالب البابا بإنشاء مدينة سكنية قبطية "خالصة" أقرب لـ "كومباوند" خاص تمتلكه الكنيسة رسميًا، ووعده البابا بدراسة الأمر، خاصة وأن بعض المساحات الشاسعة من تلك الأراضي الخاضعة للكنيسة تقترب من خط العمران.
من جانبه، نفى القمص صليب متى ساويرس وكيل المجلس الملي وكاهن كنيسة الجيوشي بشبرا سعي الكنيسة للاستيلاء على أراضى الدولة ملقيًا باللائمة على الأخيرة التي لا تحسم الأمور لصالح الكنيسة إلا بعد فترة، وقال إن الكنيسة تأخذ الأراضي لتقيم عليها مشروعات تنموية تفيد بها الأقباط والمسلمين بدلاً من البطالة والإرهاب، باعتبار أن الرهبان "عباقرة" في الاستفادة من كل الموارد المتاحة ويستطيعون استغلالها على أفضل صورة.
وتتوزع الأراضي التي تسيطر عليها الكنيسة الأرثوذكسية في العديد من المناطق المختلفة على مستوى المحافظات، ومن بينها الأراضي المحيطة بدير أبو فانا التي تقدر بحوالي 600 فدان رغم أنه لا يقيم به أكثر من 40 فردًا تقريبًا، وذلك بأقل مجهود نتيجة تساهل السلطات المعنية لمجرد تهديد البابا شنودة بالتصعيد بعد أن أمهل الدولة 48 ساعة وهو يعالج في مقره بالولايات المتحدة وقد كان.
وبعد انتهاء المفاوضات ورضوخ الدولة للكنيسة طالبت المطرانية رفع سور الدير لأربعة أمتار وهو ما رفضه آنذاك اللواء أحمد ضياء الدين محافظ المنيا، مؤكدًا أن القانون ينص ألا يتجاوز مترين إلا أنه سرعان ما رضخ لرغبة الكنيسة.
وقريبًا من هذا السيناريو، وضع دير الأنبا أنطونيوس الأثري الكائن بمحافظة البحر الأحمر يده منذ عدة شهور على أكثر من 300 فدان، ولم يتحرك لأحد ساكن، وبالبحيرة يستغل دير وادي النطرون مساحة تصل إلى 100 فدان، وبالإسكندرية استحوذ دير ديروط وهو أكبر الأديرة على 30 فدانا من أراضى الدولة.
وفى يوليو 2008 قرر الأنبا ميخائيل أسقف أسيوط والمشرف على دير السيدة العذراء إلغاء الاحتفالات السنوية للدير بعدما رفض نبيل العزبي محافظ أسيوط منح الدير 13 فدانًا من أراضي الدولة المتاخمة للدير لبناء بانوراما، حيث عرض المحافظ بناءها على نفقة الدولة لتصبح ملكًا للشعب كله وليس لفريق دون آخر ولكنه سرعان ما وافق تلبية منعاً لتصعيد الأمر من جانب الكنيسة.
وفى الشهر ذاته أعلن اللواء سعد خليل محافظ مطروح عن تخصيص قطعة أرض بمساحة 4000 فدان لكنيسة مارينا بالعلمين، وقال المحافظ إن قرار التخصيص جاء "بدافع خلق توازن سياسي يفيد الوحدة الوطنية خاصة بعد أحداث دير أبو فانا بالمنيا".
من جهته، أرجع الدكتور عمرو الشوبكي الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ "الأهرام" ذلك إلى قوة الكنيسة التي تستطيع تحريك جماعات الضغط المهجرية والتي تمتلك رؤؤس الأموال وتحرك المظاهرات للإساءة لسمعة مصر بالخارج للحصول على مزيد من المكاسب قدر الإمكان.
وأضاف: مما لا شك فيه أن البابا شنودة قام بإجراء إعادة هيكلة واسعة للتركيبة البشرية والفكرية لرجال الكنيسة؛ حيث بات الأساقفة المسيسون هم أصحاب الكِفَّة الراجحة داخل المجمع المقدس للكنيسة فيما توارى الأساقفة التقليديون ممن يفضلون التفرُّغ للعبادة والروحانيات وترك الدنيا وشئونها للدولة وأجهزتها أو للمجلس الملي، الذي يمثل الذراع المدني للكنيسة.
وقال إن توسع الكنيسة في إنشاء المؤسسات الخدمية من مستشفيات ومدارس وجمعيات خيرية ومشروعات صغيرة، جعلها تحلّ محلّ الدولة في لعب هذا الدور، وهو ما فاقم الشعور بالعُزْلة لدى بعض القطاعات ، كما أن الكنيسة أصبحت هي الملجأ والملاذ عقب أي حادث يشعر فيه النصارى بالظلم، علاوةً على سَعْيِها للعب دور الوكيل الذي يتولى التفاوض مع الدولة نيابةً عن الأقباط.
أما المفكر والكاتب جمال أسعد فيرى ما يحدث طبيعيا في ضوء ضعف شديد في الدولة المصرية، وغياب لدولة القانون وإحلال المساومات والعرف، وما يفعله أقباط المهجر من إثارة لا قيمة لها والدولة ترضخ لهم يوماً بعد الآخر تتنازل عن كل شيء بما يزيد من ضعفها، وفي محاولة منها لتهدئة ثورة المهجر تعطى للقيادات الكنسية المزيد من الهيبة حتى وصل الأمر لتصور الأخيرة أن لها وضع "سياسي" يمثل الدولة تأمر فتطاع وظهر ذلك جليًا في تهديد البابا شنودة للدولة "بشكل صريح" مرتين الأولى عندما صرح عام 2008 أن "جلسات الصلح التي يتحدثون عنها في كل مرة يتعرض فيها الأقباط للعدوان والظلم، لم تسفر عن شيء ولم يكن لها أي فاعلية" فما معني أن يجلس الجناة مع المجني عليهم؟، وكيف يتصالح مجرمون مع ضحايا تعرضوا لأبشع الاعتداءات الوحشية وتمت سرقة أديرتهم وتدنيس معتقداتهم بهذه الصورة المهينة؟، أما المرة الثانية حين أمهل الدولة 48 ساعة لحل أزمة أبو فانا كما تريد الكنيسة و إلا سيصعد الأمر دون أن يوضح ماهية التصعيد.
ووصف أسعد هذا الأمر بأنه ابتزاز صريح للدولة، وكأن الكنيسة تتعامل باعتبارها حاكمة للبلاد وتسترد حقوقها من العرب الذين احتلوها ولأن السلطات تتعامل برعونة معها فإنها تتشجع على طلب المزيد من الأراضي لتتوسع فيها .
وانتقد الدولة في مصر التي باتت على استعداد للتفريط في هيبتها طالما كان الطرف الآخر قادر على ابتزازها وممارسة الضغوط عليها، وأوضح أن "الكارثة" تكمن في عدم تعامل الدولة مع ما تمتلكه من أراضى باعتبارها ملكية عامة تخص المصريين كلهم بدلاً من إبداء الاستعداد المستمر للتنازل بشكل مستمر ومستفز أيضاً للأغلبية المسلمة ، بما يعلى من الدولة " الدينية " بدلاً من المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق